روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات تربوية واجتماعية | أمي تهملني.. وتهتم بأخواتي!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات تربوية واجتماعية > أمي تهملني.. وتهتم بأخواتي!


  أمي تهملني.. وتهتم بأخواتي!
     عدد مرات المشاهدة: 3106        عدد مرات الإرسال: 0

السؤال:

أنا شابة مسلمة عزباء أعيش مع أسرتي، مشكلتي أني غير متفاهمة مع أختين لي: الكبرى والصغرى، ووالدتي- غفر الله لها- تنحاز إليهما بشكل كبير يؤلمني كثيرًا، هي أمي وأنا أحبها وهي تحبني، ولكن في غياب الأختين، وأمامهما نصيبي الإهمال واللامبالاة وربما التحقير أحيانًا.. كبرت على هكذا مشاعر، ولكن ما العمل؟ والله تعبت ما أظنني أوفيت حالتي حقها في التعبير، إنها أمي وأعي الضغوط المادية في الأسرة العربية ولكن ليس إلى هذه الدرجة من تبعية الآباء للأبناء إنها من مهازل هذا الزمن.. الصبر لا زلت صبورة، وإن كانت نفسي مجروحة!!

الجواب:

الأبناء من أعظم النعم التي يهبها الله سبحانه وتعالى لنا وقد قال تعالى عنها: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: من الآية 46]، ولكن للأسف أن كثيرا من الآباء يكونون سببا في تحول نعمة البنون لديهم إلى نقمة، وذلك بالتفريق في المعاملة بين أبنائهم!! رغم أن الإسلام نادى بالمساواة والعدل بين الأبناء فقد قال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا في أولادكم». وما جاءت هذه الأوامر والتوجيهات من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لأهميتها ولما تسببه التفرقة من أثار مدمرة للفرد والأسرة والمجتمع.

فمن المفترض أن لا يفرق الآباء بين الأبناء، سواء في تعاملهم معهم أو في عطاياهم أو ردود أفعالهم.. لكن الواقع يشير إلى أن هناك الكثيرين ممن يميزون بين أبنائهم وبناتهم، وللأسف أن هناك من يجاهر بهذا التفضيل، مما ينتج عنه الكثير من الآثار السلبية التي لم يكن يحسب لها أي حساب والتي قد لا تظهر على السطح إلا في المستقبل.

ولخطر هذا الموضوع باتت معظم الوسائل التربوية تنادي بضرورة الابتعاد عن التفريق والتمييز بين الأبناء، لما قد ينتج عنه من اكتساب السمات السلبية لديهم والتنافر بينهم.

فالتفرقة من أهم مسببات الانحرافات السلوكية والنفسية، لأنها تولد الأحقاد، وتسبب الخوف والحياء والانطواء، وهي من أهم العوامل التي قد تؤدي إلى الشعور بالنقص، بل من أعظم العوامل التي تسبب في الانحراف.

ليس ذلك فقط بل هي من أهم مسببات الغيرة والحسد والكراهية بين الإخوة.. فهي قضية خطيرة جدا وشائكة وذات أبعاد كثيرة ومتشعبة.. وقد لا ينحصر الأمر على علاقة الأبناء ببعضهم البعض فقط.. بل قد يصل الأمر إلى كراهية الأبناء لآبائهم… ومن ثم عقوقهم.. أو قطيعة رحمهم… وبذلك تتقطع روابط التواصل الأسري.. وقد تمتد جذور هذا التباغض والقطيعة عبر الأجيال.

لذا فالأجدر بالآباء أن يتنبهوا لضرورة التوازن في تربية أبناءهم، وأن يتقوا الله فيهم، فيعدلوا بينهم في تربيتهم ومحبتهم، ويظهروا لهم العدل وعدم التفريق أو التمييز في الحب والمعاملة حتى وان كان لديهم من الأبناء من يجبرهم ببره وحسن معاملته على تمييزه عنهم.

أختي الفاضلة..

عليك أن تدركي أن هناك فرقا بين التفضيل والتفريق.. فالتفضيل في المعاملة والتميز فيها لا يعني التفريق في المحبة، فقد تغلب محبتك في قلب والدتك محبة أختيك ولكن قد تكون الوالدة تفضل التعامل مع أختيك أكثر منك أو قد تكون مضطرة لذلك.

تذكري أن القلوب تتقلب والمشاعر تتبدل من وقت لأخر، ومن الطبيعي أن يكون لكل ابن من الأبناء خصوصية مختلفة عن الآخرين تزيد وتنقص مع الوقت وتبعا للأحداث، وعلى قدر الخصوصية التي يتمتع بها تكون المحبة والتفضيل. وهناك من لا يستطيع التحكم في مشاعره، سواء في إظهارها أو إخفائها.. وقد تكون والدتك من هذا النوع وهذا خطأ.. ولكن لا ينبغي أن تعالجي الخطأ بخطأ أكبر منه فتقعي في براثن الغيرة والعقد النفسية وتسوء علاقتك مع نفسك وأختيك ووالدتك..

ضعي في اعتبارك أن طريقة معاملة الأبناء لوالديهم وبرهم لهم تلعب دورا كبيرا في اختلاف مشاعر الآباء تجاههم، فمن يجاهد نفسه ويحرص على الإحسان لوالديه سيقابل في الغالب بالإحسان المضاعف، فإن حدث العكس وقوبل من يبذل الإحسان بالإساءة، فهذا في الغالب دليل على محبة الله لمن بذل الإحسان وابتلاء منه سبحانه وتعالى له، ليصبر ويتحمل فيزيده الله رفعة لديه في جنات النعيم. أما الابن القاسي المسيء لوالديه فسيكون حظه من رضا والديه أقل بالتأكيد وإن ظهر العكس.

أختي..

ابحثي عن السبب أو الأسباب الحقيقية التي تجعل والدتك تفرق في المعاملة بينك وبين أخوتك وتعاملك بهذه الطريقة.

هل والدتك مريضة!! هل هي بحاجة لأختيك أكثر منك!!

هل طباع أختيك متوافقة مع والدتك وأنت عكس ذلك!!

قد يكون التفضيل نتيجة تميز أحدى أو كلا أختيك عنك لأي سبب كان.. فبعض الأبناء يجبرون الآباء على تفضيلهِم عن أخواتهم بطاعتهم لهما وأسلوبهم الهادئ في التعامل، أو لحرصهم على والديهم وتحمل المسئولية في الأمور التي تُسند إليهم، أو غير ذلك، فكما تعرفين أن النفس البشرية مجبولة على حب من يحسن إليها، وبذلك يكون التفضيل والميل عادة للابن البار.

قد لا يتعدى الأمر عن وجود تكيف وجداني وتوافق نفسي بين والدتك وأختيك حيث يشتركان معها في طريقة التفكير والمفاهيم وغيرها، لذا فإن ميول والدتك لهما ميول طبيعية، وقد تكون ميول مؤقتة حسب حاجتها لهما النفسية أو المادية في ذلك الوقت، ولكن حساسيتك أنت وقناعتك بأن والدتك تفضلهما عنك جعلتك تتصورين انك الطرف المهمل وجعلتك تعيشين في هذه الدوامة.

وقد يكون الميل من منطلق الشفقة على أحداهما لضعفها، أو الرهبة منها لقوتها واعتمادها عليها... فقد تكون بحاجة لهما وتريد أن تثبت لهما أن حبهما أكبر في قلبها.. ولكن مهما كانت أسبابها... عليها أن تحاول قدر الإمكان عدم إظهار ذلك الميل والتفضيل كي لا تتسبب في زرع الأحقاد بينك وبين أختيك.

قد تتعمد والدتك إظهار تفضيلها لأختيك أمامك لأسباب قد لا تدركينها لتعزز سلوك ايجابي لديهما أو لتزداد محبتها في قلبيهما، أو كي تتأثري أنت وتبذلي قصارى جهدك لبرها..

راجعي سلوكياتك جيدا وطريقة تعاملك مع والدتك وإخوتك، فقد تكون لديك أساليب منفرة أو مستفزة دون أن تدري فأخلاق الشخص وسلوكياته تؤثر على علاقاته بكل من يتعامل معهم.

لا تحاولي أن تثبتي لنفسك أو لغيرك انك مظلومة أو مضطهدة.. فليس من الضروري أن نعرف من المخطئ.. ولكن من الضروري إيجاد الحل.. ومعرفة أين تكمن المشكلة!! لذا عليك أن تطلبي رأي أو مشورة شخص محايد أو أشخاص تثقين بهم، يعرفونكم جميعا ليتمكنوا من إعطاءك الرأي الصحيح، وتقبلي أرائهم بكل صراحة ولا تحاولي أن تقنعيهم برأيك أنت.

أختي الفاضلة..

لم تذكري لنا عن دور والدك في هذا الموضوع!! وهل هو على قيد الحياة أم لا!! وهل يعيش مع الأسرة أم منفصل عن والدتك!! فقد يكون هذا التفضيل ناتج عن وجود فجوة بين والدك ووالدتك سواء ظاهرة أو باطنه.. وقد تكونين أنت شبيهة بوالدك أو بشخص ما يذكر والدتك بأحداث أو مشاعر سلبية معينة لذا تعاملك دون أن تدري بهذه الطريقة.فأحيانا يتحول صراع الآباء إلى تمييز وتفرقة بين الأبناء.

وقد يكون سبب تفضيل والدتك لأختك الكبرى ما هو إلا ترجمة لمعاناة نفسية تشعر بها وتبحث عن الحماية والأمان، وتشعر أن أختك هي سندها في هذه الحياة، خاصة إذا كانت والدتك أرملة أو مطلقة.

وربما تشعر والدتك بالفراغ العاطفي ولم تجد من يملئ لها هذا الفراغ سوى أختك.. لأن البنت الكبرى تعوض الأم عادة النقص الذي لم تجده الزوجة عند زوجها.

أخيتي..

ننصحك بأن تستغلي الفترات التي لا تكون والدتك تحت تأثير أخواتك لتجلسي معها جلسة حوار هادئة وتناقشيها في هذا الموضوع بكل صراحة.. عليك أن تختاري الوقت التي تكون فيه والدتك هادئة وعلى استعداد للاستماع إليك بهدوء لمناقشة الأمر معك.. شرط أن تتحدثي معها بأدب واحترام وبأسلوب هين لين..

ابدئي حديثك معها بأن تخبريها بأنك متأكدة من حبها لك ولأختيك وحرصها عليكن جميعا.. وأكدي لها حبك أنت لها ولأختيك وحرصك عليهن..

يجب أن تكون نبرة صوتك حانية ومتأثرة بما يحدث لك.. تجنبي العصبية والصوت العالي أو العبارات الحادة المستفزة... لا توجهي إليها الاتهامات مباشرة.. حاولي أن تعرفي منها ما هو سبب تفضيلها لأخواتك ولكن دون أن تصري على اتهامها بذلك.

اخبريها بمكنونات صدرك بهدوء.. دعيها تتأثر.. ارتمي في أحضانها.. اطلبي منها الحب والحنان.. اخبريها بأن طريقة تعاملها معكن في الغالب ستكّون بينكن فجوات كثيرة إن لم تكن قد تكونت بالفعل.. وأنها ستتسبب في زرع الأحقاد والغيرة بينكن وهذا ما لا تريدينه أنت.. وان هذه الآثار قد لا تظهر الآن بل ستظهر في المستقبل..

اطلبي منها بهدوء أن تهبك الحب والاهتمام كما تهبه لهما.. اخبريها انك تشعرين بالاضطهاد وان ذلك يؤثر على حياتك ونفسيتك وأداءك ونظرتك للمستقبل.. اطلبي منها بكل رجاء أن تعاملك بالمساواة أنت وأختيك وأن لا تفرق بينكم مهما كانت مسبباتها.

اسأليها عن سلوكياتك الايجابية التي تحبها، وسلوكياتك السلبية التي لا تحبها، دعيها تبين لك ما هي نقاط ضعفك وسلبياتك من وجهة نظرها التي تجعلها تعاملك بهذه الطريقة... وكيفية إصلاح هذه السلبيات.. واطلبي منها أن تساعدك على إصلاحها.. وابدئي بالفعل في تغييرها.

يمكنك أن تستعيني بأحد المقربين إلى والدتك ممن تثق بهم ليسدي لها النصح أيضا.

اشغلي نفسك دوما بأي قضية أخرى غير هذه المشكلة، اهتمي مثلا بالتحصيل الدراسي إن أمكن أو العمل، ابدئي بعمل وتكوين صداقات جديدة وحذار أن يكون محور حديثكم عن هذا الموضوع.

حاولي أن تغيري نظرتك الداخلية ومشاعرك تجاه والدتك وأختيك.. استشعري حبهم واحرصي عليهم.. عبري لهم عن حبك وحرصك {ادفع بالتي هي أحسن}. حاولي التقرب إليهما وعدم النفور منهما فقد يكون إحساسك بعدم المساواة والتفرقة هي التي أدت إلى الجفاء بينكما وعدم التوافق، والى نظرتك هذه التي لا تجعلك ترين سوى كل ما هو سلبي!! وتأكدي انك إذا أحببتهما فعلا من كل قلبك سيشعران بهذا الحب وسيبادلونك إياه ولو بعد حين.. وتأكدي أن هذا سيخفف عنك معاناتك بشكل كبير وسيعيد ثقتك بنفسك وبوجودك.

حاولي أن تغيري أسلوبك في التعامل مع والدتك والتقرب إليها بالعبارات الجميلة الطبية الحانية (يا حبيبتي يا أمي)، (يا عيوني يا أمي)، (أنت تأمري وأنا أطيع) أو ما شابه ذلك، وتتذكري بين الحين والحين المواقف والأحداث الجميلة بينكما.

قد يكون إحساسك ناتج عن الغيرة.. فحاولي أن تنظري إلى الأمور بحيادية وبنظرة ايجابية.. واحرصي أن تعززي ثقتك بنفسك وبمكانتك في أسرتك وفي المجتمع الذي تعيشين فيه قدر الإمكان.. وتجنبي عملية المقارنة الدائمة بينك وبين أختيك.. فالمقارنة تعزز لديك الغيرة منهما ولا تمكنك من الحكم الجيد على الأمور.

تذكري دوما أن الكمال لوجه الله.. وأن تفوق الآخرين في جانب ما لا يعني بالضرورة تميزهم في كل الجوانب.. وهذا التفوق لن يقلل من مكانتك أو حب الأسرة لك... فعليك أن تكتشفي نقاط قوتك ومهاراتك التي ليست لديهم وتستغليها في بذل الخير لهم ولعائلتك وبذلك ستشعرين أنت وهم انك شخص مهم وفعال في هذه الأسرة وستزداد ثقتك بنفسك وبالتالي ستتغير نظرتك للأمور.

قد تكون المشكلة داخلك أنت فقط بسبب إحساسك المرهف!! فحذار ثم حذار أن تنقادي وراء هذا الإحساس لأنك ستصابين بالحساسية المفرطة وهذه حساسية مرضية ستجعلك أنت ومن حولك في معاناة دائمة.

حاولي اخبتي أن لا تظلمي نفسك وأن لا تنتقمي منها وتصري على أن تعيشي معها في هذه الدوامة التي لم ولن تنتهي إلا إذا غيرت نظرتك وطريقة تفكيرك.. فقد تسحبك مشاعرك السلبية هذه إلى دوامة القلق والتوتر والعقد والأمراض النفسية فتكون سببا في تعاستك وعدم تحقيق أهدافك المستقبلية وتكونين أنت الجانية والمجني عليها، فلا تدمري نفسك.

عليك أن توكلي أمرك إلى الله سبحانه وتعالى، وتتوكلي عليه حق التوكل وتثقي به فهو القادر الذي بيده كل شيء.

أكثري من الدعاء والاستغفار قدر المستطاع واستعيني به سبحانه واحتسبيه في كل شيء.

الكاتب: د. سلوى البهكلي.

المصدر: موقع المسلم.